أخبار

قرار تاريخي بوقف تجديد إقامات الوافدين في مئات المهن السعودية تفتح آفاق العمل أمام أبنائها

شهدت المملكة العربية السعودية لحظة فارقة في مسيرة التحول الاقتصادي، حين كشفت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية النقاب عن خطة طموحة لإعادة تشكيل المشهد المهني بالكامل.

هذه المبادرة الاستثنائية، التي تستهدف توطين 269 تخصصاً مهنياً بالتعاون مع جهات حكومية متعددة، تُعد نقطة انطلاق حقيقية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الكوادر البشرية المتخصصة.

منعطف حاسم في استراتيجية التوظيف الوطني

تأتي هذه الخطوة الجريئة في سياق تطلعات المملكة لتعزيز دور المواطنين في بناء اقتصاد قوي ومتنوع، حيث تضافرت جهود وزارات الصحة والتجارة والشؤون البلدية والإسكان لإنجاز هذا المشروع الحضاري الكبير.

الهدف واضح ومحدد: إعطاء الأولوية للطاقات السعودية وفتح المجال أمامها للإبداع والتميز في مختلف المجالات المهنية.

إجراءات صارمة لضمان التنفيذ الفعال

قطع الطريق أمام التجديد للعمالة الوافدة

تضمنت الحزمة الجديدة قراراً حازماً بمنع تجديد تصاريح العمل للعمالة الأجنبية في التخصصات المستهدفة، وذلك خلال مهلة زمنية لا تتجاوز النصف عام.

هذا القرار الاستراتيجي يهدف إلى إفساح المجال أمام آلاف الوظائف لتصبح متاحة حصرياً للمواطنين السعوديين.

آليات تنفيذية محكمة

وضعت الوزارة مجموعة شاملة من الضوابط التنفيذية التي تشرح بدقة طرق احتساب معدلات التوطين المطلوبة، إلى جانب تحديد المسؤوليات الملقاة على عاتق المؤسسات، والعقوبات المفروضة على المتخلفين عن الالتزام. هذا النهج يضمن الشفافية الكاملة في التطبيق والمتابعة.

القطاع الصحي: نموذج متقدم للتوطين المدروس

شكّل التعاون بين وزارة الموارد البشرية ووزارة الصحة نموذجاً يُحتذى به في تطبيق نسب التوطين المحددة بدقة، والتي ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من شهر يوليو المقبل:

تنويع نسب التوطين حسب طبيعة النشاط

  • الصيدليات المحلية والمجمعات الطبية: تحديد نسبة 35% كحد أدنى للتوطين
  • صيدليات المؤسسات الاستشفائية: رفع المعدل إلى 65% توطين
  • الأنشطة الصيدلانية المتخصصة الأخرى: استهداف نسبة 55%

يُطبق هذا النظام على المؤسسات التي تضم في كوادرها خمسة صيادلة أو أكثر، مما يضمن ترسيخ الحضور السعودي المؤهل في هذا القطاع الحيوي.

طب الأسنان: استراتيجية تدريجية محكمة

اعتمدت الخطة الجديدة منهجاً تدريجياً ذكياً لتوطين تخصصات طب الأسنان عبر مرحلتين متتاليتين:

المرحلة التأسيسية (2025)

تستهدف تحقيق نسبة 45% توطين في العيادات التي تضم ثلاثة أطباء أسنان كحد أدنى.

مرحلة التطوير (2026)

ترتفع النسبة المستهدفة إلى 55% لتعزيز الحضور السعودي بشكل أكبر.

ضمانات مالية جاذبة

حُدد الحد الأدنى للراتب عند 9000 ريال سعودي، وهو مبلغ يهدف إلى جذب أفضل الكفاءات الوطنية والاحتفاظ بها.

المحاسبة: بناء كفاءات مالية وطنية على مدى خمس سنوات

بالشراكة مع وزارة التجارة، وُضعت خارطة طريق طويلة المدى لتوطين المهن المحاسبية:

البداية القوية (أكتوبر 2025)

انطلاق التطبيق بنسبة 40% توطين للمؤسسات التي توظف خمسة محاسبين فأكثر.

النمو المتدرج

زيادة سنوية منتظمة تهدف للوصول إلى 70% توطين خلال خمس سنوات.

الغاية من هذا المسار هي تعزيز استقرار القطاع الخاص من خلال الاعتماد على محاسبين سعوديين ذوي مهارات عالية.

الهندسة والأعمال الفنية: تعزيز الحضور في قطاع البناء

رفع نسبة المشاركة الوطنية

تم تحديد هدف الوصول إلى 30% توطين في التخصصات الهندسية والفنية، بدءاً من يوليو 2025.

نطاق التطبيق

يشمل القرار المؤسسات التي تستخدم خمسة فنيين أو أكثر.

الهدف هو تمكين المهندسين السعوديين من المشاركة الفاعلة في المشاريع التنموية الكبرى التي تشهدها المملكة.

النتائج المتوقعة: نهضة اقتصادية شاملة

تُمثل هذه الحزمة الاستراتيجية محوراً أساسياً في عملية التحول الاقتصادي، حيث تسهم في:

  • إيجاد آلاف الوظائف الجديدة للمواطنين في قطاعات أساسية
  • تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في تطوير المواهب المحلية
  • دعم جهود التنويع الاقتصادي وبناء اقتصاد قائم على المعرفة والمهارات السعودية، بما ينسجم مع توجهات رؤية 2030

رؤية مستقبلية: نحو اقتصاد سعودي الهوية

تؤسس قرارات التوطين هذه لحقبة جديدة يصبح فيها المواطن السعودي الركيزة الأساسية لسوق العمل المحلي.

هذه المبادرات ليست مجرد إجراءات إدارية عادية، وإنما خطوات استراتيجية متكاملة لبناء مستقبل اقتصادي مشرق، تكون فيه الكوادر السعودية الدعامة الأساسية لنهضة الوطن وضمان استدامة تقدمه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى